عروة بن الزبير قطعت رجله لمرض أصابه، وفي نفس اليوم توفي أعز أبنائه السبعة على قلبه بعد أن رفسه فرس ومات ..
فقال عروة : اللهم لك الحمد وإنّا لله وإنّا إليه
راجعون، أعطاني
سبعة أبناء وأخذ واحداً, وأعطاني أربعة أطراف
وأخذ واحداً إن ابتلى فطالما عافى, وإن أخذ فطالما أعطى، وإني أسأل الله أن يجمعني بهما في الجنة.
ومرت الأيام ... و ذات مرة دخل مجلس الخليفة، فوجد شيخاً طاعناً في السن مهشم الوجه أعمى البصر، فقال الخليفة : يا عروة سل هذا الشيخ عن قصته .
قال عروة : ما قصتك يا شيخ ؟
قال الشيخ : يا عروة اعلم أني بت ذات ليلة في وادٍ، وليس في ذلك الوادي أغنى مني ولا أكثر مني مالاً
وحلالاً وعيالاً, فأتانا السيل بالليل فأخذ عيالي ومالي وحلالي، وطلعت الشمس وأنا لا أملك إلا طفل صغير وبعير واحد، فهرب البعير فأردت اللحاق به, فلم أبتعد كثيرا حتى سمعت خلفي صراخ الطفل فالتفتُ فإذا برأس الطفل في فم الذئب فانطلقت لإنقاذه فلم أقدر على ذلك فقد مزقه الذئب بأنيابه، فعدت لألحق بالبعير فضربني بخفه على
وجهي، فهشم
وجهي وأعمى بصري !!
قال عروة : وما تقول يا شيخ بعد هذا فقال الشيخ :
أقول اللهم لك الحمد ترك لي قلباً عامراً ولساناً
ذاكراً .
هذا هو الصبر .. هؤلاء الذين بشرهم الله بقوله : " إنما
يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب "
ما هي مصائبنا لكي نحزن ونتضايق !
هل تقاس بمصائبهم ؟!
هم صبروا فبشرهم الله، ونحن جزعنا فماذا لنا ؟!
ربنا لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، تعيش بين أهلك تتمتّع بالصحة والعافية تنام على فِراش خاص بك، تأكل و تشرب وتخرج وتعيش بأمان، ولا تشعر بالخوف حولك، وكل ما ترغب به تحصل عليه إما بوقته أو بعد حين، تضحك وتتحرك وتتمتع بِكامل قواك العقلية والجسدية، لكن تكتب على الفيسبوك " يا همومي ارحميني ما عاد أقوى الصبر"
أو " يا موت خذني كم بدنياي عانيت " وتتصنع الحزن وتضع
صور لأناس يبكون ويتألمون، أريد
أن أعرف عن
أي حزن يتحدثون احمدوا
الله واشكروه فإنكم لا تعلمُون ما
هو الهمّ والخوف والفزع والجوع والتشريد، أخشى أن يبتلينا الله لنذوق حقيقة ما نكتب.
تأملوها رُبما البعض يتغير عن تصنع الأحزان ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق